
تجربة من أحد القراء حول: كيف تخبر زوجتك بأنك مصاب بمرض جنسي؟
القصة باختصار أني وقعت في الحرام وأنا الآن في العيادة بانتظار نتيجة الفحص. لنبدأ من هنا ..
دخلت إلى مكتب الدكتور المعالج لمعرفة نتائج الفحص ، وقلبي يرتعد ، فقد كان يرتادني شعور قوي أنه سيخبرني أني مصاب بفيروس نقص المناعة (الايدز) ، فأنا أعلم أني أخطأت وأعلم أن الأعراض التي ظهرت علي لم تكن تحمل مجالا للشك ، ولم يتبق إلا أن أسمع الخبر من فم الدكتور.
جلس الدكتور على مكتبه بعد أن أغلق باب الغرفة ، نظر إلي بنظرة أقرب ما تكون نظرة شفقة ، وحاول أن يلطف الأجواء ، إذ وقعت عينه على ملابسي فقال: تبدو سترة جميلة ، هل تبادلها مع سترتي؟ ابتسمت ابتسامة مصطنعة لا تحمل أي مشاعر.
بدأ الدكتور بالحديث، وبمقدمة طويلة عن سبب تأجيل لقائه السابق معي لرغبته بالتأكد من نتيجة الفحص قبل إبلاغي بالنتائج ، ثم استرسل في الشرح، لم أكن أركز فيما يقول ، فكل ما أريده في هذه اللحظة هو معرفة نتيجة الفحص ، وماهي إلا دقائق حتى قال لي (ولكن قدر الله) … رفعت عيني ونظرت إلى وجه الدكتور ، فأكمل كلامه (لقد تأكدت إصابتك بفيروس نقص المناعة).
حياة مختلفة
انهال الدمع من عيني ولم أعد أدري عم يتحدث الدكتور ، وانهالت سحابة من الأفكار أمام عيني وأنا أتخيل أبنائي ، زوجتي ، أمي ، أبي ماذا سأقول لهم .. أصدقائي وظيفيتي .. حياتي التي خططت لها.
حاول الدكتور تهدئتي وطمأنتي بأن الأمر أبسط بكثير مما أتصور ، وأن الفيروس ضعيف وهو مجرد مرض مزمن يمكن علاجه عبر أخذ مقويات المناعة.
لم أكن حينها مهتماً في نفسي، فكل همي الآن هو زوجتي وأبنائي. كيف سأخبر زوجتي أن مصاب؟ وكيف أقنعها بإجراء الفحص للتأكد من خلوها من الفيروس؟
رجعت إلى المنزل ودخلت غرفتي مسرعاً وأغلقت الباب. أرسلت بالهاتف رسالة لزوجتي أني احتاج إلى النوم ولا أريد الغداء. جلست في غرفتي أبكي وأبكي إلى شعرت بالراحة قليلا. وقررت أن أؤجل الموضوع عدة أيام لأنها كانت مشغولة بحفل زفاف أختها ولم أشأ أن أعكر صفو هذه اللحظات.
لا بد من إخبار الزوجة
وبعد أسبوع ، وبعد أن انقضى زفاف أختها راودتني هذه الأفكار ..
نعم لا بد أن أخبرها ..
فعدم الاكتشاف المبكر بإصابتها بفيروس الايدز وتلقيها العلاج قد يودي بصحتها وحياتها ..
كما أنها قد تكون مصابة ونقلت العدوى إلى الأبناء ، لا أريد أن أكون ذلك الأب الذي جنى على أسرته وأبنائه
كما أن إخفائي لهذا الموضوع قد يعرضني للمسائلة القانونية أمام الجهات الصحية.
التردد
ولكن حياتنا الآن مستقرة ..
ماذا لو قررت أن تهجرني وتذهب مع أبنائي إلى بيت أهلها؟ ماذا لو طلبت الطلاق؟ ماذا لو فضحتي أمام عائلتي؟
لِمَ أجلبُ لنفسي مشاكل أنا في غنى عنها .. أعتقد أني لن أخبرها .. إلا إذا لاحظت ظهور أعراض عليها أو على أحد الأبناء سأطلب منهم ببساطة إجراء الفحص للاطمئنان.
قررت أن أؤجل إخبارها بإصابتي بفيروس نقص المناعة لعدة أسابيع أخرى.
مضت 3 أسابيع منذ تشخيصي ، بدأت بتناول العلاج المضاد للفيروس والذي يرفع المناعة ، ولازال هذا الهاجس بداخلي. أريد أن أخبر زوجتي ولكن كيف؟
تأنيب الضمير
لم أستطع أن أخفي هذا السر مزيداً ، بدأت أشعر بتأنيب الضمير ، وأني إنسان أناني.
ليس أنانياً فحسب ، بل إني انسان وقح غير مكترث بإصابة زوجتي وأبنائي بفيروس نقص المناعة أم لا. وتلقيهم للعلاج أم لا.
في الحقيقة عندما أتذكر الآن هذه الأيام ، أشعر بأني لم أكن حينها إنساناً.
رأي المستشار الأسري
اتصلت على مستشار في العلاقات الزوجية وذكرت له القصة ، فرد علي بكلمة جميلة ركزت في بالي: (إن ما يؤلم ليس ما نقوله ، ولكن كيف نقوله)
وكان مما استفدته من كلامه: من الخطأ أن تركز على ايصال وجهة النظر التي تريدها لزوجتك وتنسى أن تكون لطيفاً.
وأن المرأة قد تتقبل الأمر برمته ، إلا معرفة أنك كنت على علاقة مع امرأة أخرى ، فهذا من الصعب نسيانه وقد يؤدي إلى مشاكل زوجية متعددة ، وأن الكذب جائز لإرضاء الزوجة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحل الكذب إلا في ثلاث ومنها يحدث الرجل امرأته ليرضيها).
ونصحني بأن أقدم لها أسباباً أخرى لإصابتي بالفيروس مثل الحلاقة أو الحجامة أو وخز الإبرة أو غيرها. فليس المهم هو السبب ، ولكن المهم معرفتها بالإصابة ، ووجوب إجرائها للفحص.
ثم تجرأت وأخبرت زوجتي
في نفس اليوم قلت لزوجتي ، ما رأيك أن نذهب أنا وأنت فقط في رحلة سياحية سريعة بالسيارة إلى بلدة مجاورة نقضي بها ليلتين؟ أعجبتها الفكرة ، وماهي إلا ساعات ، إلا أنا وهي في طريق السفر.
صارحتها بكل شيء أثناء السفر إلا سبب انتقال الفيروس ، ذكرت لها أنه انتقل لي عن طريق وخز إبرة ، وجدتها قرب النادي الرياضي الذي أتدرب به. تفاجأت من بكائها وتعاطفها الكبير معي ومحاولتها طمأنتي. لم أكن أتصور أن الأمر سيكون بهذه السهولة ، وأني سأكون بنظرها: الضحية وليس الجاني.
انتهزت الفرصة وذهبت معها إلى مركز للفحص السريع لفيروس نقص المناعة وكانت نتيجتها سلبية بحمدالله ، وفي اليوم التالي أجرينا الفحص المخبري الدقيق في أحد المراكز الطبية وكانت النتيجة سلبية كذلك بحمدالله. طمأنني الطبيب أنه مادامت الأم سليمة فإن الأبناء سليمين.
وقعت هذه الحادثة في عام 2012 ، وها أنا اليوم أكتب لكم هذه القصة ونحن في عام 2020 ، وأنا في بيتي مع زوجتي وأبنائي نعيش كأي أسرة سعيدة يهتم فيها كل فرد بمصلحة الآخر.
أكتب هذه القصة لعل الله ينفع بها أي شخص مصاب بمرض جنسي ويجد صعوبة في الطب من زوجته إجراء الفحص أو تلقي العلاج.